250 ألف مزرعة تشجع المستثمرين على خوض غمار التجربة
4 يوليو 2015مأعلن المنتدى الاقتصادي العالمي، والذي يعتبر أكبر جهة اقتصادية متخصصة في العالم منوطة بتطوير الأعمال والسياسات والاقتصاد والنواحي العلمية أن المملكة في عام 2013م حصدت 76 مليار ريال من السياحة، حيث جاءت في المركز رقم «62» عالمياً والسادس عربياً، وقد تفوقت على دول كبرى في مجال السياحة مثل مصر والمغرب، ويرصد التقرير التغيرات التي تطرأ على اقتصاد أي دولة من دول العالم فيما يتعلق بتوفير بيئة سياحية، من خلال قياس مؤشر التنافسية في السياحة والسفر العوامل والسياسات التي تجعل الدولة قادرة على تنمية هذا القطاع وجذب المزيد من السائحين من الداخل والخارج.
وكشف التقرير أن عائدات السياحة الداخلية في المملكة بلغت 28 مليار ريال نتيجة إنفاق السياح المحليين، وأن عدد الرحلات السياحية الداخلية وصل إلى 23 مليون رحلة، بينما بلغ إنفاق السياح الأجانب 48 مليار ريال ووصل عدد رحلاتهم 13 مليون رحلة، مما يعني أن المجموع هو 76 مليار ريال و36 مليون رحلة سياحية تمت خلال عام 2013م في السعودية.
والمملكة تمضي حالياً قدماً نحو خطط جديدة في تطوير مفهوم السياحة تتمثل في السياحة الزراعية كإحدى مبادرات الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني لتطوير صناعة السياحة الوطنية المرتبطة بها، حيث تسعى الهيئة من خلال المشروع الى زيادة الرحلات السياحية للمناطق الريفية والزراعية في المملكة وما يتحقق منها من عوائد اقتصادية واجتماعية على أصحاب المزارع والمواطنين في جميع المناطق.
وفي هذا الصدد التقت «الرياض» بالخبير بشأن السياحة الزراعية بالمملكة راضي الحربي الذي فصّل الحديث عن هذا المشروع الوطني الطموح وكشف بأن الهدف العام لمشروع السياحة الزراعية هو المساهمة في تطوير برامج ومنتجات وانشطة سياحية في المزارع وإيجاد عناصر للترفيه والمتعة والتعليم للسائح مما يساهم في تنمية الحركة السياحية ويوفر دخلا إضافيا لملاك المزارع وفرصا وظيفية للمواطنين.
وأضاف بأن السياحة الزراعية يقصد بها السياحة المرتبطة بالمزرعة، وتعرف بأنها الرحلات التي يقصد فيها السائح مزرعة خاصة او مشروع زراعيا للاستماع بعدد من الأنشطة التي يتم تنظيمها او تنفيذها على ارض المزرعة، وقد تشمل الإقامة وشراء منتجات المزرعة، والكثير من الأنشطة والبرامج المتجددة والمتنوعة تبعا لتنوع اهتمام السياح ومواكبة للمواسم الزراعية والمناسبات. وبالتالي يتحقق للسائح المتعة والتعلم والفائدة بالإضافة الى زياد دخل المزرعة.
وبين بأن السياحة الزراعية تشهد نموا كبيرا وسريعا وذلك نتيجة لحب الناس للعودة للطبيعة وبساطة الحياة وتجربة نشاط جديد في عالم السياحة التجريبية، وزيادة الوعي الصحي بالمنتجات الزراعية وخاصة العضوية منها والحرص على شرائها من مصادر موثوقة، وحرص الآباء على تعليم الأبناء كيف يتم انتاج الغذاء، إضافة إلى تعليم الصغار على التعامل مع الحيوانات والمزروعات، والعمل الجماعي في الحقل اثناء الزيارة للمزرعة يساعد على زيادة الحب والتقدير بين افراد العائلة، فضلاً عن الحصول على منتجات طازجة وبسعر منافس ومن مصدرها مباشرة.
تشكل دعماً كبيراً لقطاع السياحة في دول العالم.. ومساحة المملكة تضمن النجاح
أهمية السياحة الزراعية للمنطقة الشرقية
وحول أهمية السياحة الزراعية للمنطقة الشرقية أوضح بأن الجميع يشاهد ان المنطقة الشرقية تشهد حركة سياحية متنامية تستقطب العديد من المواطنين والزوار من مختلف مناطق المملكة ودول الخليج جاؤوا للاستمتاع بمياه الخليج وما تتميز به من شواطئ خلابة ومتنزهات وحدائق ترفيهية رائعة التصميم، مما جعلها محط أنظار القطاع الخاص الذي بدأ في إقامة المشروعات السياحية، حيث تشهد منطقة الشرقية أعداداً متزايدة كل عام من السائحين والزوار خصوصاً في الأعياد والاجازات الرسمية والاسبوعية ما يستدعي إيجاد بدائل سياحية جديدة وغير تقليدية توافق التطور الذي يحصل في المنطقة والدول المجاورة من هنا نقترح فتح أبواب مزارع المنطقة امام الجميع لتقديم الجديد والمفيد بقالب يغلب عليه المتعة والتعلم والفائدة لكل من ينشدها.
وبين بأن السياحة الزراعية تعني الكثير للمزارعين بالمنطقة الشرقية من ناحية زيارة سكان المحافظات (شركات، مدارس، كليات، جامعات، عائلات، افراد) ومن مختلف مناطق المملكة ودول الخليج القريبة لمزارع المنطقة، والاستمتاع بعدد من الأنشطة والبرامج التي يجب على المزارعين التنسيق مع هيئة السياحة والاثار على تطويرها وتنظيمها وتنفيذها على أرض المزارع بالإضافة الى تمكن المزارعين من بيع جميع منتجات المزرعة من المنتجات الزراعية والحيوانية.
وحول المردود الذي تتوقعه مزارع المنطقة الشرقية من الانضمام للسياحة الزراعية، ذكر منها الترخيص بإقامة مزرعة سياحية مميزة ونموذجية في المنطقة الشرقية، والاستفادة من الدعم الحكومي والقروض من البنك الزراعي، والدعم الفني والإداري بدون مقابل من قبل هيئة السياحة والجهات المشرفة على السياحة الزراعية، وزيادة القيمة السوقية للمزرعة، وتوفير دخل إضافي مستمر نتيجة بيع منتجات المزرعة من المنتجات الزراعية والحيوانية عن طريق فتح قنوات تسويق جديدة للمستهلك مباشرة، وتحويل المزرعة من مجرد ارض للزراعة الخضروات محدودة الدخل إلى مشروع ومنتجع سياحي يدر الكثير من المال نتيجة تقديم أنشطة وبرامج داخل المزرعة وخارجها، والاستفادة القصوى من المنشآت الموجودة وتخفيض التكاليف، واخذ رأي السياح والزوار الذين يزورون المزرعة ما يساعد في تطوير المزرعة ومنتجاتها كما وكيفا، إضافة إلى خلق واجهة اجتماعية ممتازة بين مختلف شرائح المجتمع والجهات الحكومية في المنطقة.
تحوُّل المزارع إلى مراكز تعليمية وترفيهية يضمن للملاك إيرادات ودخلاً إضافيين
ولفت إلى أن مزارع المنطقة يمكن أن تقدم العديد من البرامج والخدمات والأنشطة للسياح والزوار تساهم في استمتاعهم بالسياحة بالإضافة الى المتعة والتعلم من مزواله تلك الخدمات والأنشطة منها الإقامة في منتجع ريفي زراعي يعود بالجميع للطبيعة ومعايشة الحياة الزراعية في بيئة زراعية وصحية، والترفيه الزراعي المتمثل في الاستمتاع بالمشاركة في الاعمال الزراعية، والاستمتاع بجنى المحاصيل، والاستمتاع بممارسة العادات والتقاليد في المجتمع الريفي والزراعي، والاستمتاع بالفلكلور والتراث الشعبي في الزراعة، ومشاهدة الحيوانات وكيفية التعامل معها عن قرب.
ومن البرامج المقترحة أيضاً إقامة بعض المهرجانات الزراعية بالمشاركة مع مزارع أخرى مثل مهرجان التمور، ومهرجان الحمضيات، ومهرجان المنجا، ومهرجان الزيتون، ومهرجان الزرعة العضوية وغيرها إضافة إلى فرصة المبيعات في داخل المزرعة حيث يتمكن السائح والزائر للمزرعة من شراء المنتجات الزراعية والحيوانية الطازجة بأسعار وجودة مناسبة ومنافسة للأسواق التقليدية او منتجات حرفية وتذكارية، او منتجات يجنيها او يصنعها السائح بنفسه.
بالإضافة إلى الأنشطة تعليمية حيث يمكن للسائح وافراد العائلة تعلم الكثير من المهارات والمعارف اثناء زيارتهم او الإقامة في المزرعة مثل طرق زراعة النباتات والأشجار والعناية بها، وطرق جنى الثمار والمحاصيل وطريق تخزينها واعدادها للتسويق، وطرق العناية بالطيور والحيوانات، وكيفية اعداد الوجبات الريفية والمأكولات والمشروبات في المزرعة، كما يتعلم السائح اثناء تجوله بالمزرعة العادات والتقاليد في المجتمع الزراعي والريفي، وأسلوب الحياة في المزرعة، وغير ذلك كثير.
إضافة إلى أنشطة خارج المزرعة حيث يمكن للسائح للمزرعة لاستمتاع بأنشطة أخرى خارج المزرعة وفي المنطقة المحيطة بها مثل زيارة المواقع الاثرية في المنطق وزيارة الشواطئ والجزر القريبة -جزيرة جنا- وممارسة أنشطة رياضية مثل صيد السمك والصيد بالصقور والكلاب وحضور المناسبات والمهرجانات التي تقام بالمحافظات مثل مهرجان الزهور، ومهرجان الساحل الشرقي وغيرها. فضلاً عن الأنشطة الرياضية والترفيهية التي يمكن لزوار المزرعة والمنتجع الاستمتاع بممارستها مثل الصيد بالصقور والكلاب، وركوب الدرجات الهوائية، وركوب الخيل والجمال، وممارسة الألعاب الشعبية، والتصوير والرسم، والاستمتاع بالطبيعة الزراعية النظيفة والاسترخاء والبعد عن زحمة المدن.
«كيفية النجاح»
وحول كيفية وسبل نجاح مشروع السياحة الزراعية في المملكة، بين بأن السياحة الزراعية هي أحد مجالات السياحة التجريبية في عالم صناعة السياحة المتطور، تتميز وتنفرد عن غيرها من الأنشطة كونها جديدة على عالمنا العربي وهنا يكمن التحدي، وبالتالي يجب علينا تحديد اهم العناصر الأساسية التي تساعد المزارع المشاركة في المشروع في النجاح والتميز في هذا المجال.
مبينا أن هناك مراحل يجب على المزرعة ان تمر بها قبل البدء في مشروع السياحة الزراعية، منها أهمية تعرف صاحب القرار في المزرعة على مفهوم السياحة الزراعية وما لذي تعنية السياحة الزراعية. وماهي الصفات الأساسية التي يجب توفرها في ملاك المزرعة وأصحاب القرار وتشمل محبة التعرف على الاخرين واستقبالهم بالمزرعة، والاستعداد لفتح أبواب المزرعة امام جميع شرائح المجتمع المختلفة والجنسيات، والاستمتاع بتواجد المجموعات وخصوصا الأطفال، والرغبة في زيادة دخل المزرعة، والاستعداد للتطوير والتجديد في أصول وخدمات المزرعة وفقا للحاجة. كما يجب على المزارع ان يقيم أصول المزرعة والخدمات المتوفرة فيها ووضع تصور للأنشطة والخدمات التي يمكن تقديمها للزوار والسياح في حال المشاركة في السياحة الزراعية مع جهة لها خبرة في هذا المجال.
صناعة السياحة الزراعية
التحديات وسبل النجاح
حول التحديات التي تواجه صناعة السياحة وسبل النجاح أوضح الحربي بأن الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تسعى لتطوير صناعة السياحة الوطنية ومن ضمنها السياحة الزراعية وذلك بهدف تنوع البرامج السياحة من خلال زيادة الرحلات السياحة للمناطق الريفية والزراعية في المملكة والذي بدوره سوف ينعكس على زيادة العوائد الاقتصادية والاجتماعية على الوطن والمواطن، حيث تقوم الهيئة مشكورة بتنفيذ المشروع بالتعاون والتنسيق مع شركائها في مختلفة القطاعات الحكومية والخاصة.
مبينا أنه تم منح 53 مزرعة من مزارع المملكة عضوية السياحة الزراعية في مختلف مناطق المملكة، ولكي ينجح هذا المشروع وفقاً لما خطط لها لابد من معرفة التحديات والعقبات وأفضل الاستراتيجيات التي تساعد في إنجاح مشروع السياحة الزراعية، ومن بعض العوامل التي تساعد في النجاح الاعتراف بأهمية السياحة الزراعية من قبل الجهات المنظمة والممولة وافراد المجتمع، وتوفير السياسات واللوائح المنظمة والمشجعة من قبل الجهات الحكومية، ودارسة وتحديد المخاطر والعمل على الحد منها، وتوفر وتنوع مصادر التمويل، وتوفر برامج التدريب المتخصصة، والاشراف والمراقبة المستمرة على الخدمات والبرامج والمنتجات المقدمة للسياح، وإيجاد برامج تسويقية متطورة، وتنمية الشراكة بين مختلف الجهات المشرعة والمنظمة والمنفذة للمشروع، وتوفر إدارة فاعلة للمزارع السياحة.
نقاط القوة والفرص والتهديدات لمشروع السياحة الزراعية
وفي تحليل لنقاط القوة والفرص والتهديدات لمشروع السياحة الزراعية بالمملكة بين الحربي بأن نقاط القوة تشمل دعم وتبني فكرة مشروع السياحة الزراعية من قبل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، والتسهيلات والدعم من قبل الحكومة، وتزايد عدد سكان المدن والحاجة الماسة للمرافق السياحة وخاصة في الإجازات القصيرة وعطلات نهاية أسبوع، والقوة الشرائية التي يتمتع بها أغلب شرائح المجتمع والميزة التي يتمتع بها المجتمع السعودي من ناحية اللقاءات العائلية سواء كانت في المتنزهات أو البر أو المزارع حيث يميل بطبعه للعادات الريفية.
ومن نقاط القوة أيضا تعدد المزارع وانتشارها في جميع مناطق المملكة والتي تقدر ب (250 ألف مزرعة)، وتنوع التراث والثقافة بمختلف المناطق، والبرنامج الوطني للحرف والصناعات اليدوية (بارع)، وقلة الخيارات السياحية امام افراد المجتمع الذي يتمتع بالخصوية والمحافظة، أسعار الخدمات والبرامج المقدمة بالمزرعة بمتناول الجميع، وتوفر البيئة التحتية من مرافق وخدمات، وارتباط الناس بالمزارع وعشقهم للطبيعة والعودة للجذور، وكرم الضيافة والترحيب بالضيف التي تعمد من عادات المجتمع.
وفيما يتعلق بالفرص المتاحة لنجاح السياحة الزراعية أوضح الحربي بأن الفرص كثيرة وواعدة تتمثل في تنامي الطلب على قطاع السياحة والترفيه بالمملكة، والدعم والتسهيلات الواعدة من قبل الحكومة، وزيادة الطلب على هذا النوع من السياحة بصفة عامة والسياحة الزراعية بصفة خاصة في الآونة الأخيرة، حيث إن انتشار السياحة الزراعية بالمملكة سوف ينعكس بالإيجاب على كثير من الخدمات المصاحبة، إضافة إلى التنسيق والتعاون بين السياحة بمفهومها العامة والسياحة التجريبية (الزراعية) يساعد على التكامل والنجاح، فضلاً عن تفاعل المجتمع مع مفهوم المحافظة على البيئة والاستدامة فيما يخص السياحة، والتوجه العالمي لدعم السياحة الزراعية والمحافظة على البيئة.
نقاط ضعف تعكر صفو السياحة الزراعية
إلا أن هناك نقاط ضعف تعكر صفو السياحة الزراعية أوجزها الحربي وارجعها إلى عدة عوامل منها ضعف انتشار مفهوم وثقافة السياحة الزراعية لدى المجتمع وبعض الجهات الحكومية وجهات التمويل، وقلة الخبرة في إدارة برامج وانشطة السياحة الزراعية، وعدم وجود برامج تدريبية في مجال تطوير المنتجات وتسويقها خاصة في مجال السياحة الزراعية، وعدم وجود جهات استشارية لها خبرة في السياحة الزراعة، وكذلك عدم وجود اليه تساعد في التنسيق بين المزارع المشتركة بالسياحة الزراعية وشركات تسويق البرامج السياحة.
ومن نقاط الضعف أيضاً قلة الاطلاع على التجارب العالمية فيما يخص عالم السياحة الزراعية، وضعف التغطية الاعلامية في نشر وتوعية المجتمع بأهمية السياحة الزراعية، وعدم وجود مزارع نموذجية ناجحة يمكن الاقتداء بها، مع محدودية البرامج والخدمات التي تقدم للسائح للمشروعات القائمة وعدم الجدية بقياس وتحليل المخاطر لفتح المزرعة امام الزوار، وعدم وضوح فكرة السياحة الزراعية والبرامج والأنشطة المقدمة من قبل بعض المزارعين، إضافة إلى الجهل بالمعايير والأنظمة والتشريعات التي تنظم السياحة الزراعية في المجتمع.
وشدد الحربي لافتاً إلى ثمة تهديديات ومخاطر امام السياحة الزراعية تتمثل في عدم وجود جمعيات للسياحة الزراعية للمساعدة في التنسيق وتطوير فكرة السياحة الزراعية وتكون صوت المزارع لدى الجهات الحكومية والإعلامية، والمنافسة من قطاع السياحة التقليدية، وطول الوقت الذي يحتاجه المستثمر لاكتمال مشروع السياحة كي يثبت نجاحه، إضافة إلى أن ضعف المهنية والحرفية في تقديم الخدمات والبرامج في السياحة الزراعية قد يقلل من فرص نجاحه، وكذلك قلة الماء في بعض المزارع قد لا يساعد في التوسع، إضافة إلى قلة الإيرادات في بداية تنفيذ مشروع السياحة الزراعية قد يكون عامل فشل او تأخير في نجاح المشروع.